حقيقة المعادلة المستحيلة مياه الشمال وربحيّة قطاع القوارص (الحوامض)



حقيقة المعادلة المستحيلة.

مياه الشمال وربحيّة قطاع القوارص (الحوامض)

لطالما مثّلت وفرة المياه عاملا حاسما في تشكّل الخارطة الفلاحية في تونس عبر التاريخ. حيث أفرز التوزيع اللامتكافئ للموارد المائية تخصّصًا طبيعيا وفق الجهات المناخية، كما أفرز ممارسات فلاحية واجتماعية وتجارية مخصوصة، أثّرت منذ أمدٍ في نمط العيش المحلّي(شبه البداوَة،التنظيم الاجتماعي والنظام الغذائي).

وعليه، نلاحظ تخصّص واحات الجنوب في إنتاج التمور، فيما وفّرت تلال الشمال الحبوب وتركّزت زراعة الزياتين في وسط البلاد. أمّا غراسة الأشجار المثمرة وزراعة الخضراوات، فهي تتواجد حيثما سمحت بذلك وفرة المياه ونوعية التربة. رغم المناخ الصعب، يتكيّف المزارعون عبر ممارسة فلاحة معيشيّة متنوّعة تُوائم قدر الإمكان بين غراسة الأشجار المثمرة وتربية المواشي وزراعة الخضراوات والحبوب، وتكون مرفوقة في أغلب الحالات بالصيد البحري أو استغلال الغابات.

في إطار السعي “لعصرنة” الفلاحة وتحقيق أقصى ما يمكن من الأرباح، دفعت السياسة الفلاحية الاستعمارية هذا التخصّص إلى أقصاه. فأفسحت الفلاحة المعيشية المتنوعة المجال للفلاحة الأحادية. ففي شمال شرق البلاد، تحديدا في شبه جزيرة الوطن القبلي، عمل الاستعمار على تكثيف زراعة  القوارص التي جلبها المورسكيون. إذ انتشرت على نطاق واسع من طرف المستعمرين، ثمّ شجعتها السلطات التونسية بعد الاستقلال عبر مختلف السياسات العمومية اللاحقة. تجدر الاشارة إلى أن  زراعة القوارص تمتد على 70% من مساحات تونس بمعدل 19000 هكتار مستغل[1]، أي ما يعادل نصف المساحة السقوية بالولاية، وتُنتج 80 % من الإنتاج الوطني[2].

وينجرّ عن هذا النمط من الاستغلال استهلاك كميات ضخمة من المياه تدفعنا إلى التساؤل عن مدى ديمومة هذا المنوال. لأنّه برزت، منذ الستينات، عدّة مؤشرات تدلّ على نقص المياه خاصة مع ارتفاع ملوحة المياه الجوفية.

بدعم من البنك الدولي،تمّ إنجاز مؤلّف هامّ حول تجميع ونقل مياه الأمطار من أقصى شمال تونس إلى الوطن القبلي.سنتطرّق إلى هذا  المشروع، وسنقوم في هذا المقال بتقييم سريع يشمل فحص انعكاسات سياسة التصرّف في المياه المتبنّاة في إطار لبرلة الاقتصاد التونسي وتطويعه وفقا لحاجيات السوق الدولية .كما سنبحث في جدوى سياسة تشجيع فلاحة القوارص وتصديرها على ضوء الكميات الهائلة من المياه و”المياه الافتراضية”،  التي يستهلكها هذا النشاط الفلاحي نظرا لتأثير هذا الاستهلاك المائي الهائل على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لسكان المنطقة، وخصوصا في الشمال.

الشمال الغربي، برج مياه تونس

تُجمع كل التقارير المؤسّساتية أن الوضع المائي في تونس يبعث على القلق. إذ بلغ البلد مستوى الإجهاد المائي سنة 1994 بموارد متوفرة تعادل 532 م 3سنويا للهكتار الواحد. ويتوقع أن ينخفض هذا المنسوب  إلى 360 م3 سنة 2030  وإلى 150م3 سنة 2050[3]. نتحدث هنا عن إمكانات مائية متواضعة جدا علما وأن ربعها متأتي من موائد جوفية غير متجددة. أما الموارد المتجددة فهي  بصدد التقلص بدورها نتيجة التغيّر المناخي[4]. نلاحظ أيضا تدهورا واضحا لجودة المياه بسبب ارتفاع نسب الملوحة وتلوث الموارد الناجم عن الأنشطة الصناعية واستعمال المبيدات والأسمدة الكيميائية في قطاع الفلاحة.

يمثل وضع الآليات والبنى التحتية الفُضلى لتجميع المياه والتصرف فيها والتحكم في استهلاكها في جميع مناطق البلاد من الأولويات المطلقة لتونس في هذه الظروف. خصوصا فيما يتعلق بمياه أمطار الشمال التي من شأنها أن تغطي جزءًا من العجز المائي شريطة أن يتمّ التصرف فيها بحكمة. “إذ يوفّر الشمال، مُمَثّلًا في أحواض وادي مجردة  ووادي مليان والوطن القبلي، معدّل 1230مم3 سنويا،  أي ما يقابل 46% من الإمكانات الجمليّة للمياه السطحية”[6]. يتعلّق الرهان إذًا بالترفيع في إمكانيات تعبئة مياه الأمطار وتخزينها، وبتحويل الكميات الفائضة إلى الجهات التي تشهد نقصا في الموارد المائية. ومن المفترض أن يتمّ توزيع هذه الموارد الثمينة بما يحقّق انعكاسات اجتماعية واقتصادية إيجابية على الناس،و خصوصا على فئة الفلاحين بصفتهم أكبر المتضررين من هذا النقص، علما وأنّ القطاع الفلاحي يمثّل المستهلك الأول للموارد المائية.

من ناحية أخرى، تعاني تونس من توزيع غير متوازن للموارد المائية بين شمالٍ يتمتع بنسب أمطار تتجاوز الـ 400 مم وجنوبٍ تكاد تنعدم فيه التساقطات. فأكثر من ثلث البلد لا تتجاوز فيه نسبة الأمطار المائة مليمتر سنويا. هذا بالإضافة إلى تواجد عوامل أخرى تزيد في احتداد أزمة المياه كارتفاع نسبة التبخّر، نتيجة شدّة الإشعاع الشمسي، وارتفاع درجات الحرارة وهبوب الرياح الجافة. في الواقع، لا يسجّل سوى أقصى الشمال (ما يعادل 3% من التراب التونسي) فائضا في موازنته المائية ويمثّل بذلك”البرج المائي ” للبلاد. أمّا باقي المجال الترابي فيشكو من نقص في المياه يحتدّ كلّما توجّهنا جنوباً[5

يمثل وضع الآليات والبنى التحتية الفُضلى لتجميع المياه والتصرف فيها والتحكم في استهلاكها في جميع مناطق البلاد من الأولويات المطلقة لتونس في هذه الظروف. خصوصا فيما يتعلق بمياه أمطار الشمال التي من شأنها أن تغطي جزءًا من العجز المائي شريطة أن يتمّ التصرف فيها بحكمة. “إذ يوفّر الشمال، مُمَثّلًا في أحواض وادي مجردة  ووادي مليان والوطن القبلي، معدّل 1230مم3 سنويا،  أي ما يقابل 46% من الإمكانات الجمليّة للمياه السطحية”[1]. يتعلّق الرهان إذًا بالترفيع في إمكانيات تعبئة مياه الأمطار وتخزينها، وبتحويل الكميات الفائضة إلى الجهات التي تشهد نقصا في الموارد المائية. ومن المفترض أن يتمّ توزيع هذه الموارد الثمينة بما يحقّق انعكاسات اجتماعية واقتصادية إيجابية على الناس،و خصوصا على فئة الفلاحين بصفتهم أكبر المتضررين من هذا النقص، علما وأنّ القطاع الفلاحي يمثّل المستهلك الأول للموارد المائية.


[1] Neubert S. zt Benabdallah S. ; La réutilisation des eaux usées en Tunisie, Institut Allemand de développement ; 2003.

مشروع مياه الشمال وتحويل الموارد المائية

لتجميع مياه الأمطار، وضعت تونس سنة 1975 مخططا مديريا للمياه. وتوجّهت سنة 1977 للبنك الدولي من أجل الحصول على دعم لدراسة وإنجاز”المشروع المندمج بسيدي سالم”[7]. يتكوّن هذا المشروع حسب تقرير البنك الدولي من خمسة أجزاء.

  • تشييد سدّ بطاقة استيعاب تبلغ 550 مليون متر مكعب؛
  • محطة كهرومائية  تقدّر بـ 25 ميجاوات؛
  • قنال ربط بطول 126 كم لنقل الماء إلى تونس العاصمة والوطن القبلي؛
  • شبكات ريّ وتصريف وطُرقات وبنى تحتية أخرى مرافقة لمشروعان فرعيّان مختلفان، وهما تستور ومجاز الباب (5.200 هكتار) والوطن القبلي (5.400 هكتار) ؛
  • أشغال استصلاح غراسات القوارص في منطقة الوطن القبلي وبناء شبكة ثلاثية للتوزيع  تمتد على 935 هكتار لإتمام شبكة الريّ؛

إذًا، وحسب هذا المخطّط، تكون وجهة مياه الشمال  تونس العاصمة والوطن القبلي.

يشير التقرير كذلك إلى أنه سيتمّ استعمال هذه الموارد لريّ قرابة 10.000 هكتار في مناطق تستور/مجاز الباب والوطن القبلي وإنقاذ الـ 6000 هكتار من بساتين القوارص وتحسين الإنتاج الفلاحي على مساحة 32.800 هكتارا  وتزويد المنشآت الصناعية التي تمتدّ على الساحل بالمياه العذبة واحتواء الفيضانات الممكنة لوادي مجردة وتوليد الكهرباء.

تتضح لنا سياسة توزيع الموارد المائية للدولة عبر هذا الخيار المتمثل في إنقاذ بساتين القوارص وتدعيم زراعة الخضراوات والفواكه في وادي مجردة و نجدة الصناعة والسياحة في الساحل. فالأمر لا يتعلّق بتوجيه المياه للوسط والجنوب لتقليص العجز المائي في المناطق الأكثر جفافا، كما لا يتعلّق بفكرة الاقتصاد في مياه الأمطار لفائدة المناطق الداخلية والشروع في تحلية مياه البحر لتزويد المناطق الساحلية. و بالتمعّن في هذا المقتطف من تقرير البنك الدولي تصبح أهداف المشروع الحقيقية جليّة :

“هذا المشروع بطابعه المندمج يدرّ عديد الفوائد المختلفة، لا سيما على المستوى الفلاحي. يكون ذلك جزئيا عبر تجهيز مساحات سقوية اضافية (تستور ومجاز الباب والوطن القبلي)، لكنّ الانعكاس الأبرز لهذا المشروع يتمثّل في توفير إمدادات منتظمة من مياه الريّ في فصل الصيف للمناطق المعنيّة، ممّا سيمكّن من إنجاز زراعات مكثّفة في حوض وادي مجردة  دون مخاطر مرتبطة بنقص المياه في سنوات الجفاف. كما سيكون لتضاعف الإنتاج انعكاس إيجابي على الوضعية التشغيلية بالنسبة للعائلات و العمال الفلاحيّين علاوة على استقرار إنتاج القوارص والفواكه والخضروات المبكّرة، خصوصا تلك المُعَدَّة للتصدير. هذا بالإضافة إلى انخفاض استيراد اللفت السكري والبذور الزيتية والحليب ومشتقاته،  وهو ما سيمكّن تونس من تحقيق التوازن بين صادراتها ووارداتها الفلاحية في السنوات التي تسجّل نسب هطول أمطار ضعيفة أو تلك التي تكون فيها الأوضاع المناخية مواتية.”[8]

إذًاكما يتّضح من هذا المقتطف، فإنّ الهدف الحقيقي الذي يفسر هذا الخيار هو انتهاج سياسة تتطلّع أساسا  للتصدير، لا لتحقيق اكتفاء السوق المحلي كأولوية، وإلى دعم غراسات القوارص. يمثّل هذا الاستثمار خيارا  مكلفا بالنسبة  للدولة، على اعتبار أنها تلتجئ للتداين  من أجل التقدم في إنجازه. وقد شجعت هذه الأولوية الممنوحة لقطاع القوارص الفلاحين على تعويض زراعتهم التقليدية بأشجار البرتقال، وتحديدا نوعية المالطي التونسي الموجَّه للتصدير. وساهمت إجراءات أخرى في توسيع بساتين القوارص وتكثيفها، من بينها القروض المسداة إلى الفلاحين والامتيازات والمنح.

تمّ لاحقا تدعيم مركّب مياه الشمال بعديد السدود والبحيرات الاصطناعية ومحطّات الربط.  وقد امتدّت هذه البُنية إلى المناطق الساحلية الجنوبية لتصل  إلى مدينة صفاقس، القطب الاقتصادي الثاني بالبلاد. في النظام المائي التونسي، يمثّل هذا المركّب”محور التحويل  الأساسي الذي يربط سدود مجردة وسدود إشكل وأقصى الشمال بتونس الكبرى والوطن القبلي بالسواحل الشرقية للبلاد. ويمكّن  تحويل هذه الموارد من تلبية الحاجيات المتنامية من الماء الصالح للشراب ومياه الريّ، كما تُستَخدم لتحسين جودة الماء لجهة نسبة الأملاح (3 إلى 4 غرامات/لتر) عبر خلطها بماء بحيرة إشكل منخفضة الملوحة (1 غرام /لتر). تمتدّ هذه البُنية المائية، التي تتولى إدارتها الشركة العمومية SECADENORD،  على مسافة 120 كم وتغطّي جزئيًا، علاوة على حاجيات تونس الكبرى من المياه، حاجيات مدينة سوسة والمنستير والمهدية وصفاقس عبر إمدادات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه”.[9]

إذًا يتمُّ توجيه مياه الشمال اليوم إلى المدن الكبرى الساحلية، أي إلى المناطق الأقلّ جفافا والتي تستأثر بنصيب الأسد من التنمية. وهي كذلك المدن التي تسجل أعلى نسب الكثافة السكانية نظرا لتدفق النازحين من المناطق الريفية في اتجاه التجمعات السكانية الحضرية.

مكّنت جهود تعبئة المياه السطحية من الاستجابة لحاجيات الريّ و الماء الصالح للشراب في الشمال والسواحل إلى حدود بداية سنة 2000، وذلك حتى خلال سنوات العجز[10] .إلّا أنّ هذا التوازن مختَلٌ اليوم نتيجة توالي سنوات الجفاف وتنامي الطلب. و لتهرّم البنية التحتية دور كبير كذلك في فقدان كميات كبيرة من المياه من جراء كثرة الأعطاب والتسريبات طوال الإمدادات، بالإضافة إلى ظاهرة تراكم الرواسب الطينية في السدود . سجّل مثلا كل من سيدي سالم وملاق تباعا ترسّبات للطمي تعادل 25% و 51% من حجم التعبئة. وتجدر الاشارة الى أنّ معدل ترسب السدود يبلغ 18،6% على المستوى الوطني[11].

نظرا لواقع نقص المياه اليوم في الشمال والجنوب، منع منشور صادر عن وزارة الفلاحة منذ 2016  ريّ الخضروات من مياه وادي مجردة في الوطن القبلي وباقي جهات الشمال (ولاية منوبة و ولاية أريانة). وحدها فلاحة الأشجار  لم يشملها المنع. نرى مرة أخرى كيف أن القوارص تتمتع بالأولوية…

هل تمثل فلاحة القوارص مخطّطا ناجحا  لتونس ؟

كثيرة هي المجهودات التي تمّ القيام بها من أجل تطوير البنية التحتية المائية في تونس من أجل ملائمة تقنيات الريّ، لكن لم تتمّ يوما مساءلة وِجهة الموارد.  في واقع يتّسم بالإجهاد المائي والعجز الغذائي، تُساهم الخارطة الفلاحية بشكل كبير في ترشيد الاستهلاك ويصبح اقتصاد الماء عنصرا محددا في تحديد المنتَجات والنوعيات التي يجب تشجيعها أو القطع معها. بناءً عليه، يجدُر بنا طرح السؤال التالي: هل يجب أن تواصل تونس إنتاج القوارص في الوطن القبلي ؟

فائض الإنتاج والسوق

كما أشرنا أعلاه، فإن 50% من المساحات السقوية في الوطن القبلي تُستغَلُّ في إنتاج القوارص.منذ 2016 يتمّ ريّ الأشجار دون غيرها من الزراعات،أي على حساب الخضروات والبقول. فرغم نقص المياه لا ينفكّ حجم إنتاج القوارص يتطوّر من سنة لأخرى. وقد ناهز  560 ألف طن سنة 2107 رغم أنّ  تونس لا تنجح  في تصدير  سوى قسط  ضئيل منه كما يشير إلى ذلك الرسم البياني التالي[12] :

رغم استقرار كمية القوارص التي تمّ تصديرها على مدى العشر سنوات الأخيرة، إلّا أنّنا نلاحظ أنّ الإنتاج  تطوّر بنسبة 55% في نفس الفترة.  لم تتجاوز نسبة التصدير  سنة 2016  الـ 5% من إجمالي الإنتاج. في الواقع، تُعتبر هذه النسبة  ضئيلة جدا مقارنة  بمجهودات الحفاظ على تنافسية البرتقال المالطي التونسي في السوق العالمية (بالخط الأخضر على الرسم البياني) نحن إذًا  بعيدون جدا عن الـ 50000 طن/لسنة 2001 الذي حدّدته الاستراتيجية التنموية سنة 1991[13]. في الواقع لم يصل حجم تصدير القوارص  30000 طن، بل نلاحظ تواصل نسقه التنازلي ( 14346 طن سنة 2018 ). بذلك تحتل تونس المرتبة 46 على مستوى السوق العالمي بنصيب لا يتجاوز 0,1%.

على مستوى السوق المحلية، يتسبب تنامي العرض في انخفاض الأسعار خصوصا بالنسبة للبرتقال المالطي الذي سجل انخفاضا بـ 33% ما بين 2016 و 2017، في الوقت الذي لا تنفكّ فيه نفقات الإنتاج ترتفع نتيجة ارتفاع أسعار المُدخَلات المستورَدة والكهرباء. نتيجة لذلك  لم يعُد صغار ومتوسطي الفلاحين قادرين على مجاراة النسق ويأسفونلإرتهانهم  لهذا المنتَج. يؤكّد عديد الفلاحين الذين تمّ استجوابهم في إطار هذه الدراسة على رغبتهم في تنويع إنتاجهم، ولما لا العودة إلى زراعة الخضراوات بغاية تطوير مداخيلهم، لكنّ منع  ريّ  هذه  الزراعات يحول دون ذلك ولم يترك لهم خيارا.  

يمكن أن يتهيّأ لنا أنّ ضُعف حجم صادرات القوارص تُقابله أسعار بيع استثنائية على مستوى السوق الدولية التي يمكن أن تبرّر تضحيات المزارعين.  لكنّ الرسم البياني التالي يتيح لنا مقارنة المنتجات الأساسية الفلاحية التي تصدّرها تونس من الناحية الكمّية والنوعيّة. فإن كانت عائدات التمور والمنتجات البحرية هامّة، لا ينسحب ذلك على القوارص التي تسجّل عائدات متواضعة  جدا. فقيمة الطنّ الواحد من  البرتقال التونسي تعادل 561 دولارا مقارنة بالبرتقال الإسباني الذي تبلغ قيمته 960 دولارا للطن الواحد أو طنّ البرتقال المغربي الذي يباع بـ 596 دولار[14].

ملخّص القول:في الوقت الذي تشجّع فيه الدولة قطاع القوارص وتعطيه الأولوية المطلقة، حتى يستأثر بنصف الأراضي السقوية في الوطن القبلي وكذلك بكل موارد الريّ المتأتية من الشمال منذ ثلاث سنوات، نلاحظ أنّ هذا المنتوج التونسي يباع في السوق العالمية بأبخس الأثمان. فقد وفّر إنتاج القوارص 21  مليون دولار سنة 2017[15]، وبلغت في المقابل قيمة المواد الغذائية المستورَدة 1.3 مليار دولار في نفس السنة. فبلغ بذلك عجز الميزان الغذائي 886،2 مليون دينار، أي بما يعادل 8،8  من مجموع عجز الميزان التجاري.15

“الماء الافتراضي” الذي تحتويه القوارص

كان الخبير في علم الجغرافيا البريطاني جون أنتوني أوّل من استخدم مصطلح الماء الافتراضي لتبيان كميات المياه التي تتحول من منطقة إلى أخرى عبر تداول مختلف المنتجات في الأسواق العالمية. ليس المجال سانحا للإطناب في التعريفات المختلفة لمناهج قياس كمّيات المياه الافتراضية، لكنّنا نرى أنه من المهمّ الارتكاز على هذا المفهوم كي تكتمل الصورة فيما يتعلق بتوزيع مياه الشمال والتصرّف فيها. وذلك بالنظر إلى حجم الانتاج والتصدير وكميات مياه الريّ اللازمة لذلك والمحتواة افتراضيا في القوارص.

حسب موقع”waterfoofprint.org” تستهلك البرتقالة الواحدة تقريبا 80 لترا من الماء، أي أنّه يتعيّن توفير قرابة 560  لترا من الماء لإنتاج كيلوغرام  واحد من البرتقال.  بلَغ إنتاج تونس من البرتقال سنة 2017 قرابة 560 ألف طنّ، استهلكت ما لا يقل عن  313،6 مليون م3 من الماء. وفي نفس السنة أعلنت كتابة الدولة المكلفة بالموارد المائية[16] أنّ “مخزون السدود يُقدَّر بـ 944 مليون م3 مقابل معدّل ناهز 1400 مليون م3خلال الثلاث سنوات المنصرمة (…)  فيبلغ المخزون الحالي لسدّ سيدي  سالم، وهو أكبر سدّ في تونس، قرابة 195 مليون م3 ولا تتجاوز نسبة امتلائه 36%.  وقد ساهم بـ 137 مليون م3 هذه السنة من مجموع المياه المُخَزَّنة في الوقت الذي يبلغ فيه المعدل السنوي 625 مليون م3“.

تُبيّن مقارنة كميات المياه المستهلَكة لإنتاج القوارص بحجم الموارد المائية السطحية التي تتمكن تونس من تجميعها هول “الاستثمار المائي” في هذا المنتوج. وذلك رغم مردوديته المتدنّية بالنسبة للفلاحين وللدولة على حد سواء، ورغم قدرته التشغيلية الضعيفة مقارنة بأنشطة فلاحية أخرى وكلفة تخزينه ونقله العالية. خصوصا وأنّ القوارص تمثّل مادّة ثانوية في النمط الغذائي التونسي ويتمّ إنتاجه، كما هو واضح، بكميات فائضة عن الحاجة.

في هذه الظرفية التي تتّسم بعجز هيكلي في الميزان الغذائي تتخذ هذه الأرقام منحًى مُفزعا.  فثلث مياه سدّ سيدي سالم  تُستعمل لريّ فقط القوارص، في الوقت الذي يتضاعف فيه حجم الواردات الغذائية (الحبوب واللحوم…) وترتفع أسعارها في الأسواق العالمية. إذ  قامت تونس خلال سنة 2017 بتصدير 26000 طن من القوارص، أي ما يعادل 14،560 مليون م3 من “الماء الافتراضي”، دون أن يكون لذلك أيّ أثر على نسبة تغطية الميزان الغذائي.

تشير خاتمة إحدى وثائق العمل الصادرة في شهر أفريل 2015 عن  المرصد الوطني للفلاحة إلى أنّه خلال الثماني  سنوات المنصرمة  ” ما فتئ العجز الغذائي يتنامى ليبلغ 1380،5 مليون دينار سنة 2014 مقابل 425،4  مليون دينار سنة 2007 (…). تقودنا هذه المؤشرات إلى ضرورة أن نمعن التفكير في التوجهات المستقبلية لضمان الأمن الغذائي في إطار آفاق مستدامة (…) على المستوى العالمي. طفت على السطح رهانات مستجدّة في علاقة بعدم استقرار السوق العالمية خاصة بالنسبة للحبوب والزيت النباتي حيث تمثّل الواردات جزءًا هاما من الاستهلاك. (…) في النهاية، تبيّن التغيّرات المسجّلة في تطوّر الميزان التجاري ظاهرة الارتهان للأسواق الدولية الذي يشكّل مصدر قلق، نظراً لتأثيره على المالية العامة. “

في عام 2013، صدّرت تونس ما يعادل 1،397،704 مليون متر مكعب من المياه الافتراضية و استوردت تقريبا  6،141.154 مليون متر مكعب في  شكل قمح وشعير وذرة وبطاطا[17]. تتيح لنا هذه الأرقام تمثّل الهامش المتاح للبلاد التونسية للتصرف في مواردها المائية،بما تحافظ به على سيادتها الغذائية وتحدّ من الارتهان للأسواق الدولية. فكلما ندُرت الموارد ، كلما كان من المُلّح على السلطات ترشيد استخدامها بما يساهم في المقام الأول في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للسكان المحلّيين. ما هكذا الأمر في تونس.

في هذه الأثناء، في سوق المواد الغذائية المحلّي ، أدّى الحظر المفروض على ريّ الخضراوات إلى انخفاض العرض. وكان لذلك تأثير مباشر على أسعار الخضروات كما هو موضَّح في الجدول التالي:

نسبة الزيادة نوفمبر 2017 2016(السعر بالدينار التونسي)   نوفمبر 2016(السعر بالدينار التونسي) أسعار سوق الجملة ببئر القصعة
25% 1،800 1،435 الفلفل الحار
19% 2،075 1،740 الفلفل الحلو
277% 2،640 0،700 الطماطم
71% 1،450 0،850 البطاطا
166% 1،595 0،600 البصل

مع تمديد الحظر على الريّ  خلال حملة 2017-2018 ، استمرت الأسعار في الارتفاع (بين جانفي  2017 و جانفي 2018: ارتفعت أسعار   الطماطم بنسبة  9،7%  والبطاطا بنسبة 53،10% و الفلفل الحار بنسبة 44،58% و البصل الجاف بنسبة 45،33%). و يعاني المواطن التونسي حالياً من نسبة تضخّم تبلغ  7،7 %. وحسب  المعهد الوطني للإحصاء، تعود أسباب هذا التضخم  أساسا  إلى  ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 9،3% والنقل  بنسبة 9،6% [18].

 تتّضح اليوم كارثية الاختيارات التي تمّ تبنّيها في السبعينيات. تلك المستندة إلى نظرية “المزايا النسبية” (أو “الأفضليّة المقارَنة”)لجهة إمكانية حصول التونسيين على غذاء صحي بأسعار معقولة.

خاتمة:

يمكّن مُركّب مياه الشمال الضخم من تجميع كمّيات لا بأس بها من المياه السطحية في المنطقة الوحيدة التي تسجّل فائضا مائيا  في تونس. وقد سمحت هذه البُنية التحتية المتشعّبة، والقديمة،إلى حدّ اليوم بإمداد الساحل بالمياه العذبة الموجَّهة للاستهلاك المنزلي والفلاحة والصناعة والسياحة. فقد مثّلت أداةً أساسية لتطبيق منوال التنمية التونسي على مدى الأربعين سنة الماضية. غير أنّ هذا المنوال أثبت فشله وأدّى إلى اختلال جهوي عميق وتبعية للأسواق الدولية ومعدّلات بطالة عالية جدًا وهشاشة في أوضاع  الفلاحين و ارتفاعا لأسعار المواد الغذائية.

ما تزال المزايا التي وعد بها البنك الدولي في تقريره لتقديم مشروع مركّب سيدي سالم بعيدة عن التحقيق:

  • الإمداد بمياه الريّ والشرب غير منتظم. إذ لا تتمكّن سوى المساحات المغروسة أشجارا من الحصول على الموارد المائية، وذلك في كُلٍ من وادي مجردة وفي الوطن القبلي. وقد أضحى الانقطاع  المتكرّر للمياه  مصدرا للاضطرابات الاجتماعية، خاصّة في المناطق المنتجة للمياه.
  • مع اضمحلال الفلاحة المعيشيّة والاعتماد الكلّي على القوارص، فقدت المستغلات الصغيرة والمتوسطة الحجم ربحيّتها وارتفعت تكاليف الإنتاج بحدّة في ظلّ ركود أسعار البيع في الأسواق المحلية والدولية.
  • من أجل التموقع في السوق الدولية، راهنت تونس على اعتماد أسعارٍ تنافسية جداً على حساب الفلاحين، دون أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع حصّتها من تلك السوق. إن الإيرادات الناتجة عن تصدير القوارص ضئيلة جدا مقارنة بغيرها من المنتجات، ولا سيما مقارنة بالاستثمار المائي الباهظ الذي تمثّله.

  • تأثير هذا المشروع على الميزان الغذائي لا يكادُ يُذكر. بل إنّه فاقم العجز من خلال  تحويل المياه إلى منتوج غير مربح.
  • لجهة قدرته على مجابهة الفيضانات واحتوائها ، أظهر المركب بالفعل عدم نجاعته عدّة مرات (2000 ، 2003 ، 2007 ، 2011).

وفقاً للتوقّعات العلميّة، يتّجه المناخ التونسي الى الجفاف، وسيتعرّض تدريجياً لتقلّبات جوية وجفاف أشدّ. يبدو أنّ السلطات العمومية  على بيّنة بهذا الأفق الذي تواتَر ذكره  في عديد الدراسات والتقارير المؤسّسية، ولكن من الواضح أن المخاطر المناخية لم تُؤخَذ على محمل الجدّ في السياسات العمومية المتعلّقة بالتصرف في الموارد المائية. وبينما تُبذَل جهودٌ جمَّة للرفع من إمكانيات تعبئة مياه أمطار الشمال، لا يُطرَح أيّ تساؤل حول جدوى وِجهتها. يبدو أنّ مياه الشمال ستستمرّ  في تزويد المناطق الساحلية وريّ القوارص على الرغم من عدم فعالية هذا الخيار التنموي وانسداد آفاقه.

إنّ تأثير سياسة تشجيع الفلاحة التصديرية كارثي على المالية العمومية وعلى صغار ومتوسطي الفلاحين والمستهلكين المحلّيين على حد سواء. ولذا فقد أصبح من المُلِّح اليوم العودة إلى فلاحة متنوّعة مُوَجَّهة نحو السوق المحلية ومراجعة الخارطة الفلاحية برُمَّتها. كذلك إعادة التفكير في توزيع المياه المُجَمَّعة وإعادة النظر في أنماط الإنتاج حتى تتمكن الفلاحة من لعب دورها الأصلي المتمثّل في إطعام الناس. ومع ذلك، لم  يتمّ بعد وضع أيّ برنامج للحدّ من إنتاج القوارص وتوجيه المياه إلى المنتوجات الاستهلاكية الأساسية وتكييف الفلاحة التونسية مع التغيّر المناخي الذي سيؤثّر عليها عاجلا أم آجلا.

بالإضافة إلى ذلك، بدأ سكّان مناطق الشمال المنتِجة للموارد المائية بالتشكيك في جدوى قرارات السلطة الأحادية[19] والقاضية بتحويل المياه وحرمان الفلاحة المعيشية المحلية منها. ويثير هذا الموضوع  قلق معهد الدراسات الاستراتيجية الذي يؤكّد في تقريره عن الموارد المائية في أفق عام 2050 “لا يشير قانون المياه إلى أحكام استثنائية للتعامل مع  ظاهرة الجفاف. تتطلّب آفاق العجز الهيكلي والدوري وضع استراتيجيات وقائية وإجراءات للتدخل. كما يتطلب ذلك تطوير آليات التحكيم وتسوية النزاعات للتوفيق بين الاستخدامات والحفاظ على القيمة الاجتماعية والاقتصادية للمورد”[20].إنّ إمكانية انفجار نزاعات حول الماء واردة جدا وتُعدُّ من المخاطر العالية التي تهدّد تونس في المستقبل.

تلعب هذه المشاريع  المُمَوَّلة من المؤسسات المالية العالمية، والتي تستجيب لمنطق التبادل الحرّ ، دورا محوريا في ربط الاقتصاد التونسي على المدى الطويل بمنوال تنموي مُعيَّن. و قد تلت مشروع مركَّب سيدي سالم مشاريع أخرى تستند  جميعها إلى نفس المنطق، ألا وهو نقل الموارد المائية من الشمال إلى الساحل وتشجيع المنتجات القابلة للتصدير. وقد ساهم البنك الدولي بشكل كبير في كل هذه البرامج والمشاريع (انظر المقال حول الري قطرة – قطرة).

لم ينته بعد
تم إطلاق مشروع مياه الشمال سنة 1977 . وفي نفس السنة اتخذت فرنسا أولى الإجراءات ضدّ استعمال مادة الأميونت بعد أن ثبت بالأدلّة الدامغة أنّ هذه المادة تمثّل تهديدًا للصحّة العمومية. فقبل عامين من ذلك، سنة 1975، عرفت هذه الدولة فضيحة كبرى متعلقة باستعمال مادة الأميونت، أو الحرير الصخري، في البناء، حيث تسبّب المبلّغ هنري بيريزاتا في إندلاع حرب مفتوحة بين العلماء والباحثين والأطباء من جهة، ولوبيات قطاع البناء وأصحاب براءات الاختراع من جهة أخرى. وكان موضوعها مخاطر هذه المادّة على سلامة العمّال والصحة العمومية.

ومع ذلك، يشير هذا المقطع من تقرير تقديم المشروع، والذي يحدّد مكوّنات مركّب مياه الشمال، أنّ”شبكة التوزيع الباطنية ستتكوّن من أنابيب من الخرسانة المسلّحة تتراوح أقطارها بين 350 إلى 800 مم ومن أنابيب ًصغيرة من إسمنت الأميونت تتراوح أقطارها بين 150 و 300 مم.”[21]

وبالفعل نتأكد من استعمال مادة الأميونت عندما ندقّق في “مشاريع الاستثمار في قطاع المياه” اللاحقة “پبيزو 1″ و”پيزو 2”[22] التي أنجزت بين 2002 و2011 بتمويلات من البنك الدولي والوكالة الفرنسية للتعاون الدولي وبعض المانحين الآخرين. إذ نلاحظ،بالاطّلاع على تقرير مجلس إدارة الوكالة الفرنسية للتعاون لسنة 2008، أنّ تنظيف شبكات توزيع المياه من مادّة الأميونت قد حظيَ بالكثير من الاهتمام والقروض والمساعدة التقنيّة.

“على ضوء ما سبق ذكره، وفي إطار تكييف الإجراءات المعتمَدة لهذا البرنامج، قرّر المانحون الثلاثة (البنك الدولي، الوكالة الفرنسية للتنمية والبنك الإفريقي للتنمية) أن يتماهوا مع القوانين التونسية فيما يتعلّق بالتقييم البيئي والاجتماعي والموافق للمعايير الدولية. تبعًا لذلك قام الجانب التونسي بإعداد وثيقة إطارية لتنفيذ تدابير الحماية البيئية والاجتماعية (DCPES) التي قُدمت للاستشارة العمومية وتمّ اعتمادها من طرف المانحين. وهي تحتوي على جميع العناصر التي تتطلّبها خطة الإدارة البيئية والاجتماعية (PGES)، ويشمل ذلك الكفّ عن استخدام اسمنت الأميونت في تونس.”[23]

بعد ثلاثين سنة من الشروع في بناء مركّب مياه الشمال، انخرطت تونس في إزالة مادة الأميونت من شبكات التوزيع بتمويلات من نفس المانحين، وبالاستعانة، مرّة أخرى، بخبراتهم ومساعدتهم الفنية. في الأثناء، طوّرت البلدان التي أنتجت وتاجرت بالأميونت طوال عقود  تقنيات إزالتها، وها هي الآن تبيع خبراتها في تنظيف البنى التحتية من هذه المادّة السامّة.

كانت القضيّة لتكون شبه عاديّة لو لميلفت انتباهنا أنّه في إطار نفس المشروع “پيزو 2″، تمّت إزالة الأنابيب القديمة التي تحتوي على مادة الأميونت.إلّا أنّه في ذات الوقت تمّ تركيب أنابيب جديدة في مناطق أخرى، كما يبيّنه هذا المقتطف من وثيقة صادرة عن وزارة الفلاحة والموارد المائية، والتي تقرّ فيها بإعطاء إذن مشروط بمواصلة استعمال هذه المادة في مشروع “پيزو 2”. إذ “يُشتَرط عند استعمال الأميونت في مشروع “پيزو 2″ في المناطق السقوية بالمياه التقليدية / الحرارية […] تطبيق تدابير مُحَدَّدة تُقَلِّلُ من التأثيرات على البيئة وعلى صحّة الإنسان.”[24].وقد استُعمِلَت قنوات الريّ الملوَّثة هذه في كلٍ من ولايات المهدية وتوزر وڨابس. صدر سنة 2014  التقرير التقييمي لمشروع ’پيزو 2’، وهو يشير إلى عديد الإخلالات والمخالفات كـ: عدم امتثال الممارسات لشروط الاستعمال، عدم أخذ الاحتياطات اللازمة، إضافة إلى التعامل غير السليم مع أنابيب الأميونت و التخلص من مخلّفاتها في الطبيعة…


المقال مأخوذ من دراسة: فلاحتنا،غذاؤنا،سيادتنا. تحليل للسياسات الفلاحية التونسية على ضوء مفهوم السيادة الغذائية


[1] وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية، تقديم القطاع على موقها الرسمي

[2] المعهد الوطني للإحصاء

[3] La problématique de l’Eau ; Institut National des Etudes Stratégiques ; Tunis ; 2017.

[4] Ben Boubaker H. , Benzarti Z. et Henia L. ; Les ressources en eau de la Tunisie : contraintes du climat et pression anthropique ; Eau et Environnement ; Tunisie et Milieux méditerranéens ; Paul Arnould et Micheline Hotyat (dir.) ; ENS Editions, 2003.

[5] نفس المصدر

[6] Neubert S. zt Benabdallah S. ; La réutilisation des eaux usées en Tunisie, Institut Allemand de développement ; 2003.

[7] Document de la Banque Mondiale ; Tunisie, Projet Intégré de Sidi Salem ; Rapport N°1215-TUN ; Département des projets, Bureau régional Europe, Moyen-Orient et Afrique du Nord ; mai 1977.

[8] نفس المصدر

[9] Système hydraulique de la Tunisie à l’horizon 2030 ; Institut National des Etudes Stratégiques, janvier 2014.

[10] نفس المصدر

[11] نفس المصدر

[12] Un regard sur le marché mondial et tunisien des agrumes ; Note de veille de l’Observatoire National de l’Agriculture ; ONAGRI ; 2018.

[13] Zekri S. et Laajimi A. ; Etude de la compétitivité du sous-secteur agrumicole en Tunisie ; Le futur des échanges agroalimentaire méditerranéens, les enjeux de la mondialisation et les défis de la compétitivité ; Zaragosa ; CIHEAM ; Cahiers Options Méditerranéennes N°57 ; 2001.

[14] Un regard sur le marché mondial et tunisien des agrumes ; Note de veille de l’Observatoire National de l’Agriculture ; ONAGRI ; 2018.

[15] المعهد الوطني للإحصاء

[16] Déclaration du secrétaire d’Etat chargé des ressources hydrauliques Abdallah Rabhi, 6 juin 2017.

[17] Benalaya A. et al. ; Eau Virtuelle et Sécurité Alimentaire en Tunisie : du Constat à l’Appui au Développement (EVSAT-CAD) ; Ecole Supérieure d’Agriculture de Mogren et Centre de Recherche pour le Développement International ; 2015.

[18] المعهد الوطني للإحصاء

[19] Stratégie Nationale sur le Changement Climatique. Rapport de la stratégie ; République Tunisienne. Ministère de l’Environnement ; GIZ ; Groupement ALCOR – TEC ; Octobre 2012.

[20]La problématique de l’Eau ; Institut National des Etudes Stratégiques ; Tunis ; 2017.

[21] Document de la Banque Mondiale ; Tunisie, Projet Intégré de Sidi Salem ; Rapport N°1215-TUN ; Département des projets ; Bureau régional Europe, Moyen-Orient et Afrique du Nord ; mai 1977.

[22] Agence Française de Développement ; Conseil d’Administration du 18 décembre 2008 ; République de Tunisie ; Programme d’Investissement Sectoriel Eau ; NCO PISEAU ; 2018.

[23] نفس المصدر.

[24] Formation-sensibilisation en évaluation environnementale et sociale ; L’utilisation des conduites d’irrigation en amiante-ciment ; Ministère de l’environnement et du développement durable ; direction générale de l’environnement et de la qualité de vie ; mars 2015.